لماذا الجيل الأخير؟ وكيف يمكن لـ بورشه قتل طراز ناجح كطراز ماكان؟ الإجابة هي أنها لن تقتله ولن توقفه، إلا أنها ستغير الشكل الذي عرفناه فيه. فبدلًا من أن تكون مركبة الدفع الرباعي المتعددة الإستخدام العائلية ذات الروح الرياضية التي تجعلها تستحق حمل شعار الصانع الذي يتمتع بأكبر عدد إنتصارات في سباق لومان، ستُصبح بجيلها المقبل كهربائية بالكامل، وهنا لا أجزم بأنّ السيارات الكهربائية هي بالضرورة سيارات غير مثيرة ولا توفر متعة قيادة رياضية، بل على العكس فهي ربما تكون قادرة على ذلك إذا ما صُممت وضُبطت بشكلٍ يوفّر هذا الأمر، ولكنها ستكون متعة من نوع آخر.

والآن، ورغم أنّ الجيل المقبل من ماكان، الجيل الكهربائي، بات ربما قريبًا من الوصول إلى صالات عرض بورشه، إلا أنّ موضوعنا اليوم هو ماكان جي تي أس 2022 المثيرة، الأنيقة والعالية الجودة ذات المحرك الهادر الذي يسيطر بعمله على تجربة القيادة، لذا فلندع القلق من المستقبل (البعيد أو ربما القريب) جانبًا لنركز على ما هو بين أيدينا اليوم، فالسيارة التي تشاهدون صورها مرفقة بهذا التقرير، تتمتع بتصميم يحمل سمات بورشه بكل وضوح مع بعض التفاصيل الخاصة التي تميزه، كفتحات إدخال الهواء التي تحيط بشبكة التهوئة والتي تهدف لتعزيز فعالية تبريد حجرة المحرك، فضلاً عن دورها في جعل السيارة تبدو وكأنها أعرض مما هي عليه في الحقيقة. وتستمر التفاصيل الحصرية في تمييز ماكان من خلال المصابيح الخلفية التي تبدو وكأنها نسخة مطوّرة من مصابيح طراز 928 (في أيامه الأخيرة) الذي عرف في الماضي شهرة واسعة.

المعرض: بورشه ماكان جي تي أس

على الطريق، تبرز ماكان جي تي أس، التي توفّرت لنا خلال تجربة القيادة هذه، قدرتها كسيارة قادرة على التسارع بشكلٍ جيّد. ورغم أنّ هذا التسارع لا يرتقي لما يمكن أن توفره سيارات بورشه الرياضية الخالصة كـ كايمان و911، الا أنّ "نظام بورشه للتحكم النشط بالتعليق" PASM يعوّض عن هذا الأمر عبر توفير مستويات خمد ممتازة تُظهر طبيعة السيارة المريحة، إذ أنه يعمل على تعديل قساوة المخمّدات إلكترونيًا وفقًا لطبيعة المسار، وهذا ما سمح لي بالعبور فوق المطبات بسرعة دون أن أشعر بأي إنزعاج، في مقابل القدرة على عبور المنعطفات القاسية بشكلٍ ثابت في مناسباتٍ أخرى، علماً أنّ هذا النظام يُتيح للسائق اختيار واحد من ثلاثة برامج تخميد، توفّر إمّا راحة كبيرة أو تحكمًا فائقًا يتلاءم بشكلٍ أفضل مع ما تتضمّنه المسارات من مطبّات، منحدرات أومنعطفات حادة. ويتوفر للسيارة أيضاً، ولكن بشكلٍ إختياري، نظام تعليق هوائي يسمح بتعديل إرتفاع الجسم عن سطح الأرض ليُصبح أقل بمقدار 15 ملم بالمقارنة مع التعليق التقليدي، الأمر الذي يساهم بتعزيز إنسيابية الجسم، فيما تحافظ خاصية التعديل التلقائي للإرتفاع على إستقرار الأخير خلال السير.

وفي سياقٍ متصل، توفّر خاصية التحكم بالإرتفاع في نظام التعليق الهوائي إمكانية الإختيار بين ثلاثة مستويات مختلفة منها ما هو مخصّص للعبور فوق المسارات الوعرة، بالإضافة إلى المستويين العادي والمنخفض، فعند إعتماد المستوى الأول (Terrain Level) يرتفع خلوص السيارة بمقدار 40 ملم عن ما كان عليه على المستوى العادي (Normal Level) مقابل إنخفاضه عن الأخير بمقدار 10 ملم عند إعتماد المستوى المنخفض (Low Level)، أما عندما يجد السائق أنه بحاجة الى تحميل أمتعة ثقيلة في الصندوق الخلفي فيمكنه خفض القسم الخلفي من السيارة بمقدار 40 ملم بهدف خفض حافة تحميل الصندوق.

أما بالنسبة لقوة الدفع، فهي تتوفّر لـ جي تي أس التي هي اليوم فئة القمة من طراز ماكان، من خلال محرك تتمكّن أسطواناته الست سعة 3.0 ليتر المثبّتة على شكل الحرف V وبمؤازرة جهاز توربو مزدوج من توليد قوة 434 حصان تمرّر عبر علبة تروس من سبع نسب أوتوماتيكية إلى العجلات الأربع التي تتمكّن عند دورانها الأقصى أن تنطلق إلى سرعة 100 كلم/س خلال 4.3 ثواني في طريقها إلى سرعة قصوى تبلغ 272 كلم/س.

ورغم أنّ أبعاد ماكان الخارجية لا تزيد عن 4,699 ملم للطول مقابل 1,923 ملم للعرض و1,624 ملم للإرتفاع، إلا أنّ قاعدة عجلاتها التي يبلغ حجمها 2,807 ملم سمحت لها بالتمتع بمقصورة قيادة تؤمّن مستويات رحابة جيّدة ووضعية قيادة رياضية يعزّزها المقود الثلاثي القضبان الذي يمكن من خلال قسمه الأعلى رؤية لوحة العدّادات التي يتوسطها عدّاد قياس سرعة دوران المحرك مع عدّاد قياس سرعة السيارة إلى اليسار وشاشة الكترونية تعرض عمل تجهيزات السيارة.

وقبل الإنتهاء من الحديث عن المقصورة الداخلية، لا بد من الإشارة إلى أنّ أبرز ما يميزها هو الكونسول الوسطي الكبير الذي بات من السمات الخاصة بسيارات بورشه مع ما يحتويه من مفاتيح تحكم بمختلف وظائف السيارة، هذا دون أن ننسى ذكر الجلود الفاخرة التي تُغلف المقصورة بجو من الأناقة التي تعكس جودة تصنيع عالية، علماً أنه حتى البلاستيك المستخدم في بعض أجزاء المقصورة هو من النوع العالي الجودة الذي لن يزعجك وجوده.

أما في الختام، وإذا ما أردت أن تقارن تجربة القيادة المثيرة لـ ماكان جي تي أس، فضلًا عن الإنخراط الذي توفّره لسائقها بعملية القيادة ودقة حركتها الديناميكية مع ما توفره منافستيها، بي أم دبليو أكس 3 أم ومرسيدس أي أم جي جي أل سي 63، فستدرك بشكلٍ مباشر أنّ لا مجال هنا للمقارنة. فرغم أنّ بي أم دبليو أقوى على صعيد الأحصنة، إلا أنّ قيادتها لا تولد في النفس نفس الشعور الذي تولده سيارتنا اليوم، وبذلك دع مرسيدس وبي أم دبليو يتنافسان مع بعضهما، في حين أنّ بورشه هي في فئة مختلفة على صعيد الأداء، الدقة والإنخراط بعملية القيادة.