تحقيق فريق فيراري في سباقات الفورمولا وان لستة عشر بطولة عالم للصانعين مقابل خمسة عشر لقباً للسائقين، 239 إنتصارًا بجائزة كبرى والعديد غيرها من الإنجازات الملحمية في عالم السباقات هو أمر إن دل على شيء فهو يدل على أنّ القرارات في مارانيللو تتم بعقلية الباحث عن النتيجة لا الوسيلة، والساعي وراء الأداء العالي لا المواصفات الرنانة.

المعرض: فيراري 296 جي تي بي

ولعل هذا هو تحديدًا ما حصل مع 296 جي تي بي التي نتحدث عنها هنا، والتي تنازلت عن حقها الطبيعي بأن تنال محرك من ثماني أو إثنتي عشر أسطوانة كونها وريثة لإرث وتاريخ الحصان الجامح لتكتفي بمحرك من ست أسطوانات (لأول مرة على متن سيارة تحمل شعار فيراري) ومنظومة هجينة ضمن تركيبة ميكانيكية ديناميكية كان من شأنها أن تسمح لعجلاتها الأربع بأن تجتاز حلبة فيورانو بزمن يتفوق بمقدار ثانية ونصف (إنجاز ليس سهلاً أبدًا) على ما تتمكن شقيقتها أف 8 تريبوتو من تحقيقه. هذا الإنجاز لم يكن من الممكن تحقيقه لولا تحرر مهندسي فيراري من أي قيد يمنعهم من تحقيق تركيبة ديناميكية فعالة تنسجم مع متطلبات العصر في مجال خفض الإصدارات الضارة بالبيئة من جهة، وتتمتع بتوازن مثالي من جهة أخرى.

image_6487327

وقد كانت أولى منافع إعتماد محرك من ست أسطوانات ذو حجم مدمج نسبيًا هو أنّ فيراري تمكّنت من إستخدام أقصر قاعدة عجلات في تاريخها. فمع حجم يبلغ 2,600 ملم لتلك القاعدة ضمن سيارة يبلغ إجمالي طولها 4,565 ملم مقابل 1,958 لعرضها، تقترب 296 جي تي بي من التربيع في شكلها الهندسي، وهذا ما يسمح لها بأن تتمتع بتركيبة بنيوية أساسية تعزز مستويات التوازن والتماسك وتلتقي مع باقي عناصر توليفة السيارة الديناميكية على تأمين أداء ممتاز فوق الحلبات ومنعطفاتها المتعددة. فبغض النظر عن نظام التعليق المتطور وتثبيت المحرك والمنظومة الهجينة وسط السيارة، فضلًا عن نظام التحكم بالإنزلاق الجانبي، فإنّ تثبيت العجلات بشكلٍ متقارب نسبيًا وعلى زوايا السيارة الأربع يسمح لها بأن تتمتع فيزيائيًا بأفضل توازن.

في العادة، يُعتبر أي محرك من فيراري بمثابة جوهرة ميكانيكية، فما هي حقيقة جوهرة فيراري الجديدة هذه، انه محرك من ست أسطوانات مثبّتة بزاوية إنفراج تبلغ 120 درجة وهو بسعة 2.9 ليتر يتصل بنظام شحن هواء توربو ومحرك كهربائي ليكون مجموع ما تولده هذه المجموعة المحركة قوة 818 حصانًا.

PFCC_YMC_Event5-9

وبفضل تصميم مبتكر تمّ صنعه باستخدام عملية اللّحام باللّيزر، تتمتع البطارية العالية الجهد في 296 جي تي بي بطاقة 7.45 كيلوواط ونسبة وزن إلى قوة تنافسية. وتقع مجموعة البطارية تحت الأرضية، وللحد قدر الإمكان من الحجم والوزن، تمّ دمج نظام التّبريد والبنية ونقاط التّثبيت في مكوّن واحد. وتحتوي وحدة الخلايا على 80 خلية مترابطة بشكلٍ متسلسل. ويتم تركيب كل جهاز تحكم إشرافي بالخلايا بشكلٍ مباشر ضمن الوحدات للحد من الوزن والحجم.

ويرتكز محوّل السيارة الجديدة على وحدتين من السيليكون موصولتين بالتوازي. وقد خضع نمط توصيل الطاقة فيها لتحقيق الزيادة في العزم في المحرك الكهربائي البالغة 315 نيوتن متر. ويحوّل هذا المكوّن الطاقة الكهربائية بكفاءة عالية للغاية (أكثر من 94 في المئة) ويمكنه تأمين الطاقة اللازمة لتشغيل محرك ست أسطوانات عندما يكون الطلب على الطاقة الكهربائية في أوجه.

g0

تتميّز 296 جي تي بي بأنه تم تركيب شاحن الهواء فيها بين الأسطوانات في وضعية تعرّف باسم "هوت في"، ويعني ذلك أنّ كل المكونات المهمة لتوليد الحرارة مجمّعة في الحيّز الوسطي العلوي لحوض المحرك، وهذا بدوره يمنح إدارة حرارة أكثر فعالية لحوض المحرك وللمكونات الكهربائية على حدٍ سواء. ويبرز هذا الابتعاد عن الأساليب المعتمدة في الماضي أكثر فأكثر من خلال الخيارات الديناميكية الهوائية التي قلبت مفاهيم الديناميكيات الهوائية النشطة المطروحة في سيارات فيراري رأسًا على عقب

ويسمح الجانح الخلفي النشط المستوحى من طراز لافيراري والمدمج في المصد الخلفي للسيارة بتوليد مستوى مرتفع من قوة الضغط الهوائي إلى الأسفل عند الحاجة لذلك، علمًا أنه يمكن توليد ضغط هوائي يبلغ بحده الأقصى 360 كيلوغرامًا عند سرعة 250 كيلومترًا في الساعة في إعداد القوة المثبّتة العالية مع مجموعة تجهيزات أسيتو فيورانو.

PFCC_YMC_Event5-332

ويتم تبريد محرك الاحتراق الداخلي وعلبة التروس بواسطة مشعاعين مركبين في مقدمة السيارة، أمام العجلتين الأماميتين، حيث تم تركيب مكثفين أيضًا لتبريد البطارية العالية الجهد. ويتم سحب الهواء الساخن على طول قسم السيارة السفلي، من أجل تفادي تأثير هذا الهواء على هواء التبريد الذي يصل إلى المبردات الداخلية عبر القسم العلوي من جانبي السيارة. وبفضل هذا الخيار أصبح من الممكن رفع فعالية تدفق الهواء إلى أقصى مستوى، وبالتالي الحد إلى أقصى قدر ممكن من حجم فتحة التهوية، مما يزيد من انسيابية التصميم غير المعقد أكثر فأكثر. ويحظى مشعاعا النظام الهجين بفتحتين تقعان تحت قسمَي الجانح الجانبيين مباشرةً. ويحرّر هذا الأمر القسم الوسطي في مقدمة السيارة التي تمّ بالتالي الاستفادة منها لتوليد قوة ضاغطة نزولاً.

من الداخل، تُعتبر مقصورة 296 جي تي بي أنيقة ببساطتها، باستثناء المقود، فالأخير معقّد من خلال إحتوائه على أدوات تحكم عديدة تعمل باللّمس، وبالتالي تٌبقي السائق عرضةً للوقوع في خطئ لمسها خلال القيادة، الأمر الذي من شأنه ارباكه  بعض الشيء. بخلاف ذلك، تتميز لوحة القيادة بواجهة رقمية بالكامل مشتقة من ما يتوفر في طراز أس أف 90.

PFCC_YMC_Event5-60

ولمن يرغب بالاستفادة إلى أقصى حد من قوة السّيارة وأدائها، تقدّم لهم فيراري مجموعة أسيتو فيورانو مع تعديلات تشمل ممتصات صدمات "مولتيماتيك" خاصة قابلة للتّعديل ومشتقة من سباقات الـ جي تي ومعدّلة للاستعمال على الحلبة، فضلاً على أطراف من ألياف الكربون على المصد الأمامي تؤمّن 10 كيلوغرامات إضافية من القوة الضّاغطة نزولاً وحاجز خلفي من مادة ليكسان واستعمال موسّع أكثر للمواد الخفيفة الوزن على غرار ألياف الكربون في المقصورة والجسم الخارجي.

 وفي الختام، لا يسعنا سوى القول بأنّ 296 GTB بمنظومتها الميكانيكية الهجينة وقدراتها العالية تفتتح عصرًا جديدًا لـ فيراري، عصر مليء بالخيول الميكانيكية الإيطالية الأصيلة.

ملاحظة: لقد قمنا بإختبار عدة نسخ من فيراري 296 جي تي بي وبعدة ألوان