إذا كان هناك تنافس صحي يمتد لعقودٍ من تاريخ السيارات فهو التنافس بين مرسيدس - بنز ومواطنتها بي إم دبليو. من المستحيل التحدث عن أحدهما دون ذكر الآخر. إنهما منافسان أبديان مثل رينو وبيجو في فِرنسا، فورد وشيفروليه في الولايات المتحدة وتويوتا وهوندا في اليابان.
أدت هذه المنافسة الودية إلى تقدمٍ ملحوظ في صناعة السيارات من نواحي الأداء والسلامة والتصميم. ربما تكون مرسيدس أفضل دافعٍ في استمرار بي إم دبليو بالمثابرة، وكذلك الأمر مع مرسيدس، لربما وجد صانعا السيارات الألمانيان نفسيهما في موقفٍ أصعب دون هذه المنافسة القوية، ناهيك عن الاحتفاظ بمركز الصدارة في قمة سوق السيارات الفخمة، المنافسة شيء جيد دائمًا.
اليوم، تُعد علامتا مرسيدس بنز وبي إم دبليو أشهر علامات السيارات الفخمة في العالم. يطمح العديد من سائقي السيارات لامتلاك شيءٍ من هاتين الشركتين، وهذا يظهر في إحصائيات المبيعات. فقد باعت الشركتان إجمالًا 4.3 ملايين وحدة تقريبًا سيارة في عام 2021، ما يمثل 40 في المئة من مبيعات السيارات الفخمة والراقية على مستوى العالم.
بي إم دبليو تنمو بشكل أسرع:
في حين أن الشركتين المصنعتين كانتا تقليديًا متشابهتان للغاية عندما يتعلق الأمر بالتقنية والابتكار، إلا أن التغييرات في هذا الاتجاه بدأت في الظهور. على سبيل المثال، تفوقت بي إم دبليو في العام الماضي على مرسيدس وأصبحت العلامة المفضلة للسيارات الفخمة في العالم، وذلك بفضل زيادة بنسبة تسعة في المئة مقارنةً بمبيعات 2020. في المقابل، سجلت مرسيدس – بنز تراجعًا بنسبة خمسة في المئة، دون احتساب مبيعات علامة سمارت والشاحنات الخفيفة المغلقة (فان).

استفادت العلامة البافارية من الطلب المتزايد على طرازاتها الأشهر، في حين عانت علامة شتوتغارت من تقادم طرازي سي كلاس وإي كلاس. زادت بي إم دبليو مبيعاتها في الصين وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية واليابان وكوريا، وسجلت مرسيدس انخفاضًا في هذه الأسواق الأربعة. الفرق في التباين في المبيعات للصين وأمريكا الشمالية كبير، حيث ارتفع على بنسبة ثمانية في المئة و 21 في المئة على التوالي لبي إم دبليو، مقابل تراجعٍ بنسبة ثلاثة في المئة وواحد في المئة على التوالي بالنسبة لمرسيدس.

الجريء مقابل المحافظ
فُسِّرَت نتائج العام الماضي جزئيًا عبر الخطط المختلفة التي اعتمدتها الشركتان. ركزت مرسيدس جميع جهودها على مدار العقد الماضي على تقليل متوسط عمر قاعدة عملائها. لمسنا هذا التغيير بتقديم طرازات أيه كلاس، وسي أل أيه، وسي أل أس، ومجموعة طرازات دفع رباعي ونسخ رياضية بخطوط كوبيه. يبدو أن هذه هي الخيارات التي آتت أكلها، لأن مرسيدس اليوم لا تُعرف بسيارات الصالون الفخمة والأنيقة وحسب، بل وبالمركبات الرياضية العملانية الفخمة وعالية التأدية.
لم تواجه بي إم دبليو هذه المشكلة أبدًا. على عكس الموقع التاريخي لمنافسها، ارتبطت سياراتها بازدياد بالتأدية العالية في قالبٍ فخم، هذا سبب حدوث تغييرات قليلة في الخطط في السنوات الأخيرة، حتى الآن أقله.

استنادًا إلى أحدث البيانات، يبدو أن بي إم دبليو تتخذ الآن نهجًا أكثر صرامة، في حين ما زالت مرسيدس تسير في المسار المحافظ. فيما يلي بعض الأمثلة الواضحة على هذا الاختلاف المتصاعد: بي إم دبليو آي أكس، الجيل الثاني من الفئة الرابعة، والفئة السابعة التي حصلت على تحديثٍ مؤخرًا. أثارت هذه السيارات ضجةً هائلة وجدلًا واسعًا في وسائل التواصل الاجتماعي، تولد كل أنواع الحديث للأفضل أو للأسوأ. في غضون ذلك، رأينا كيف تتبع أحدث طرازات مرسيدس مفهوم التطور مقابل الثورة.
ما زال يتعين علينا فهم ما إذا كان التغيير في النهج سيؤتي ثماره لشركتي بي إم دبليو أو مرسيدس، وعمّا سيحدث مع فوارق المبيعات العالمية. قد يكون هذا أحد العوامل الرئيسية في المستقبل، أو يمكن أن يكون ببساطة دورةً أخرى لكلا الشركتين.
خوان فيليبي مونوز: متخصصٌ في صناعة السيارات في شركة جاتو دايناميكس JATO Dynamics.