قد لا تتمتع ماكلارين أرتورا بنفس القدرات التي تتوفر لشقيقاتها، بي 1، سينا، سوليس وسبيد تيل، إلا أنها ليست بعيدة عنهم كثيرًا في مجال نيلها لنفس مستوى الإهتمام من قبل الإدارة العليا للصانع البريطاني، ولعل هذا يفسر ما حصل مع الفئة المكشوفة التي لم تكتفي معها ماكلارين وهي بصدد تحويلها إلى سيارة ذات سقف قابل للطي، بالمراهنة على إثارة القيادة في الهواء الطلق كي تدفع العملاء إلى تقبل الهامش السلبي البسيط الذي قد تعاني منه السيارة على صعيد الأداء، بل بذلت قصارى جهدها للتعويض عن هذا الوزن الإضافي، عبر تطبيق حلول تهدف لإحتواء الأمر بشكلٍ فعال. وكان هذا واضحًا لنا خلال تجربة القيادة التي أخذتنا معها ماكلارين أرتورا سبايدر نحو الطرقات الجبلية الملتوية المحيطة بالشاطئ الأزوردي في جنوب فرنسا.
المعرض: صور ماكلارين أرتورا سبايدر
في البداية، وكي تحقق ماكلارين الهدف الأساسي الذي سعت إليه مع السيارة، والذي يتمثل بعدم المساواة في مجال الأداء العام الذي يجب أن يليق بصانع هو من الأنجح على صعيد الفئة الأولى من عالم السباقات، عمدت لتعديل محرك الإحتراق الداخلي وتعززيه بما مقداره 19 حصانًا إضافيًا، الأمر الذي رفع قوة المنظومة الهجينة التي تتمتع بها السيارة إلى حدود الـ 690 حصانًا.
وبما أنّ القوة العالية ليست وحدها العنصر المهم في سيارة رياضية عالية الأداء، عمد الصانع البريطاني لتعزيز نظام التعليق لرفع مستويات التماسك، تلك المستويات التي تعززت أيضًا بفضل العوامل الأكثر قساوةً للمحرك، والتي أصبحت قادرة على ضبط الإرتجاجات الناجمة عنه، ومنعه من التحرك كثيرًا خلال القيادة الديناميكية الهجومية.
وفيما تُعد أرتورا أول سيارة هجينة ذات إنتاج مفتوح من ماكلارين، فهي على صعيد التصميم تُعتبر الأولى أيضًا في مجال الإعتماد على لغة التصميم التي تميل إلى الأناقة المبسطة وسط بحر التصاميم الجريئة لطرازات الشركة الأخرى، ويبدو هذا واضحًا من مختلف الزاويا. ففي البداية، تتمتع فتحة التهوية الجانبية المسؤولة عن تمرير الهواء نحو المحرك بتصميم تقليدي نوعًا ما بالمقارنة مع ما يتوفر لطراز 750 أس التي تحيط بمقصورة القيادة بشكلٍ مخفي بعض الشيء.
في المقابل وعلى مستوى المقدمة، عمد فريق تصميم أرتورا لدمج فتحتي تهوية المكابح ضمن نفس الوحدة التي تتألف منها، كل هذا ينطبق أيضًا على ما يتوفر لـ أرتورا بغض النظر إلى أي فئة إنتمت سواء الكوبيه أو المكشوفة سبايدر، ولكن ما تنفرد به السيارة التي نتحدث عنها هنا يأتي على مستوى غطاء المحرك الذي يتمتع بتركيبة معقدة تتمحور مهمتها حول إستخدام الهواء البارد بشكلٍ فعّال لا فقط لتبريد المحرك، بل لتغليف الحرارة الناجمة عنه بتيارات هوائية باردة تُبعد الحرارة عن جسم السيارة وطلائها.
وتجدر الإشارة هنا، إلى إنّ السقف المعدني يحتاج لـ 11 ثانية فقط كي يغلق أو يفتح ضمن عملية يمكن أن تنفذ خلال سير السيارة على سرعة تصل بحد أقصى إلى 50 كيلومتر في الساعة.
العنوان الرئيسي لتجربة القيادة على متن أرتورا سبايدر هو المقود العالي الإحساس، والذي يوفر معلومات وافية عن ما يجري تحت عجلات المقدمة، كونه يعتمد على نظام توجيه هيدروليكي بدلًا من النظام الكهربائي. والجميل هنا هو أنّ ماكلارين ومن خلال إعتمادها على هذا الخيار ضحت بالتقنيات الحديثة كنظامي المحافظة على المسار والإلتفاف بالعجلات الخلفية، في سبيل تعزيز تجربة القيادة الرياضية الاصيلة، والأمر نفسه ينطبق على المكابح الهيدروليكية التي بدورها تعزز الشعور الميكانيكي الواثق خلال القيادة.
مع أرتورا سبايدر، وعند تفعيل وضعية القيادة الكهربائية حصرًا، يجري ضبط نظام التعليق على الوضعية اللينة والهادفة لإبتعاد إرتجاجات الطريق عن المقصورة، وهذا ما تتمكن السيارة عندها من تحقيقه بكل جدارة مع إمكانية السير على هذا الحال لمدى يصل إلى 30 كيلومتر. ولكن في المقابل وفي الطرف الآخر لشخصية السيارة القادمة من صانع إنبثق من عالم الحلبات لا عالم التنقل داخل شوارع المدينة (ولو كانت هذه المدينة هي موناكو) وعند إعادة ضبط وضعية القيادة على النمط السباقي، تتحوّل أرتورا سبايدر إلى سلاح جاهز للإنقضاض على الطريق والسيطرة عليها، إذ يرتفع صوت العادم وتتحسن إستجابة دواسة الوقود ويصبح جهاز التعليق أكثر صرامة في التعامل مع حركة السيارة الديناميكية، الأمر الذي سمح لك أن تنطلق بأقصى سرعة وتنخرط بتجربة قيادة أقل ما يمكن القول فيها أنها مثيرة.
تميل مقصورة قيادة السيارة إلى العملانية أكثر من الفخامة، ولكن رغم ذلك، فهي لا تخلو من المواد العالية الجودة، كالجلد الناعم والالكنتارا، ولكن بما أنها ماكلارين، فإنّ أفضل ما يتوفر في المقصورة هي وضعية القيادة التي تتمحور حول السائق والتي صُممت السيارة بالأساس كي تؤمن لهذه الوضعية مجالات رؤية ممتازة إلى الخارج.
وفي الختام، لا يسعنا سوى أن نؤكد بأنّ كل هذه العوامل التي ذكرناها تجتمع حول بعضها البعض لتوفر للسائق تجربة قيادة يشعر معها أنّ ماكلارين أرتورا سبايدر هي إمتداد لجسده مع قدرة عالية على السيطرة.