في كل مرة نجلس فيها لكتابة تقرير يتحدث عن تجربة قيادة إحدى فئات طراز بورشه 911 كاريرا نحتار عن ماذا نتحدث دون أن نقع في فخ التكرار، فهل علينا أن نبدأ حديثنا بذكر تاريخ السيارة المجيد الذي يمتد لأكثر من 50 عاماً، هندستها الفريدة التي تعتمد محرك مثبّت في وضعية خلفية مع ست أسطوانات منبطحة، أم عن الموسيقى الميكانيكية التي يعزفها هذا المحرك والتي تُطرب آذان عشاق بورشه ولو أنها لا تعتمد نفس النوتة المدروسة للمحركات الإيطالية، لذا لعله من الأفضل أن أنتقل مباشرةً للحديث عن الفئة جي تي أس التي تشاهدون صورها هنا ولكن من زاوية محاولة الإجابة على السؤال التالي: لماذا يتوجب علينا تفضيلها عن غيرها من فئات 911 المتعددة؟

ففي البداية وكما نعلم، تعتمد بورشه في مبيعاتها على ما يحلو لنا تسميته إستراتيجية "إدفع مقابل ما تحتاج إليه فقط" وذلك عبر توفير جميع طرازات الصانع الألماني بمواصفاتٍ قياسية خالية من أي زوائد كي يتمكن العميل من تخصيص سيارته تبعاً لذوقه الخاص، وبالتالي إحتياجاته. وهنا تكمن أهمية 911 جي تي أس التي تتوفر لدى صالات عرض بورشه بسعرٍ يبدأ من 620  ألف ريال سعودي أي أنها أغلى بمقدار 29 ألف  ريال سعودي بالمقارنة مع الفئة كاريرا 4S. فبدلاً من دفع مبلغ 591  ريال سعودي للحصول على الأخيرة ثم تزويدها بإضافات مظهرية لا تملك أي تأثير إيجابي على الأداء مع كلفة قد تصل إلى ما هو أكثر من فارق السعر مع جي تي أس، من الأفضل أن نختار السيارة التي نختبرها هنا والتي تأتي (قياسياً بطبيعة الحال) مع 30 حصاناً إضافياً، محور خلفي يعزز القدرة الديناميكية للسيارة وطبعاً الإختلافات التصميمية، دون أن نغفل ذكر الرضى عن النفس الذي تولده فكرة إمتلاك سيارة أرفع قيمة من كاريرا العادية.

المعرض: بورشه 911 جي تي أس

من الخارج، تتميز 911  جي تي أس عن شقيقاتها من خلال التصميم المختلف للمصد الأمامي، العجلات الرياضية وغيرها من العلامات المميزة.

وبالعودة إلى تجربة القيادة، ورغم أنها تتمتع بالمزيد من القوة وبمحور خلفي مماثل لما يتوفر لدى كاريرا 4، إلا أنّ الأداء العام لـ جي تي أس على الطريق لا يختلف كثيراً عن أداء أي فئة أخرى من فئات 911. وهنا لا نقول ذلك لنذكر أنّ الفئات النارية من 911 لا توفر المزيد من الأداء الخالص، بل لنؤكد أنّ أي فئة تحمل الرقم 911 على جسمها تُعتبر واحدة من أفضل السيارات الرياضية في العالم، أما التقدم عبر الفئات فلا يتم سوى على القاعدة الكلاسيكية الأزلية المعروفة والتي تفيد بالتالي: "إدفع أكثر، تنال أكثر".

ولكن ورغم ما تقدم، إلا أنه لا يسعنا سوى ذكر أمر سلبي يكاد يكون وحيدًا في السيارة وهو ربما ينطبق على مختلف فئات 911 وهو إطار المقود الرقيق والذي لا يوفر للسائق شعوراً كاملاً بالسيطرة.

أما عند ضبط وضعية القيادة على النمط سبورت بلاس الذي يوفر المزيد من الضبط الرياضي لجهاز التعليق، المحرك وعلبة التروس ثم تنطلق بالسيارة، تشعر أنّ المحرك جاهز لتلبية الرغبات بالحصول على تسارع خاطف عبر دواسة وقود تتمتع بإستجابة مباشرة لتستمر عملية التسارع حتى الوصول إلى المنعطف الأول الذي تُظهر السيارة ضمنه قدراتها الديناميكية المعززة والتي تتوفر بفضل العرض الإضافي لمحورها الخلفي والتجهيزات الالكترونية الخاصة بـ بورشه كجهاز الـ PASM.

ميكانيكياً، تتمتع بورشه 911 GTS بمحرك من ست أسطوانات منبطحة سعة 3.0 ليتر يولد قوة 480 حصاناً على سرعة دوران محرك تبلغ 6,500 دورة في الدقيقة مقابل عزم دوران أقصى يبلغ 570 نيوتن متر على سرعة دوران محرك تتراوح بين 2,300 و 5,000 دورة في الدقيقة، علماً أنّ هذه القوة وذلك العزم يصلان إلى العجلات الخلفية الدافعة عبر علبة تروس أوتوماتيكية من ثماني نسب PDK.

ومن الداخل، توفر GTS للسائق وضعية قيادة مثالية مع مساحات رؤية أكثر من ممتازة بالنسبة لسيارة رياضية مع مقاعد تحمل شعار جي تي أس ولوحة عدّادات يتوسطها عداد قياس سرعة المحرك بشكل بارز، أما باقي أرجاء مقصورة النسخة التي توفّرت لنا لتجربتها فهي مطابقة لما يتوفر لدى شقيقتها من حيث الشكل العام، إلا أنها تتميز بعدد كبير من الإضافات التي تشمل تطعيمات من الالكنتارا وألياف الكربون، فضلاً عن حياكة بخيطان صفراء، فيما تتميز أحزمة المقاعد باللون الاصفر المميز.

وفي النهاية، لعله من المؤكد أنّ بورشه 911 جي تي أس مع أدائها المعزز وبعض الفروقات التصميمية الخارجية الرياضية تجمع بإعتدال أفضل ما يتوفر لدى مجموعة فئات 911 التي يصعب حصرها. ولكن، وبمناسبة ذكر الإعتدال، وبما أنّ الأخير يبقى في النهاية خاضع للتأويل الشخصي، فإنّ البعض قد يجد أنّ الإعتدال الحقيقي هنا سيكون مع الخطوة التالية على سلم 911 التصاعدي التي تمثلها الفئة 911 جي تي 3 بسعرها الذي يبلغ 718 ألف ريال سعودي، لذا فإنّ الخيار النهائي يبقى لك أنت ولحسابك المصرفي.